الأمر | قولٌ يتضمن طلب الفعل على وجه الاستعلاء | |
مثل: أقيموا الصلاة وآتوا الزَّكاة. | ||
فخرج بقولنا | قولٌ | الإشارة؛ فلا تسمَّى أمرًا، وإن أفادت معناه. |
طلبُ الفعل | النهي؛ لأنه طلب ترك، والمراد بالفعل الإيجاد، فيشمل القول المأمور به. | |
على وجه الاستعلاء | الالتماس، والدعاء، وغيرهما مما يستفاد من صيغة الأمر بالقرائن. |
صيغ الأمر: صيغ الأمر أربع | |
فعل الأمر؛ | مثل: ﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ﴾. |
اسم فعل الأمر؛ | مثل: حيّ على الصلاة. |
المصدر النائب عن فعل الأمر؛ | مثل: ﴿فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ ﴾. |
المضارع المقرون بلام الأمر؛ | مثل: ﴿لِّتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾. |
ما تقتضيه صيغة الأمر: تقتضي عند الإطلاق: | ||
الدليل | وجه الدلالة | |
وجوب المأمور به | ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ | أنَّ الله حذر المخالفين عن أمر الرسول ﷺ أن تُصيبهم فتنة، وهي الزَّيغ، أو يصيبهم عذابٌ أليم، والتحذير بمثل ذلك لا يكون إلا على ترك واجب؛ فدل على أن أمر الرسول ﷺ المطلق يقتضي وجوب فعل المأمور. |
المبادرة بفعله فورًا | ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ ﴾ | والمأمورات الشَّرعية خير، والأمر بالاستباق إليها دليل على وجوب المبادرة. |
ولأن النبيَّ ﷺ كرِه تأخير الناس ما أمرهم به من النَّحر والحلق يوم الحديبية، حتى دخل على أم سلمة ڤ فذكر لها ما لقِي من الناس. | ||
ولأنَّ المبادرة بالفعل أحوط وأبرأ، والتأخير له آفات، ويقتضي تراكُم الواجبات حتى يعجز عنها. |
وقد يخرج الأمر عن الوجوب والفورية لدليلٍ يقتضي ذلك، إلى معان منها: | ||
النَّدب | ﴿وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ ۚ ﴾ | فالأمر بالإشهاد على التبايع للندب بدليل أن النبي ﷺ اشترى فرسًا من أعرابي ولم يُشهد. |
الإباحة | وأكثر ما يقع ذلك إذا ورد بعد الحظر، أو جوابًا لما يتوهم أنه محظور. | |
بعد الحظر: ﴿غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ ۗ ﴾ | فالأمر بالاصطياد للإباحة لوقوعه بعد الحظر المستفاد من: ﴿وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ۚ ﴾ | |
جوابًا لما يتوهم أنه محظور: قوله ﷺ: «افعل ولا حرج»، في جواب من سألوه في حجة الوداع عن تقديم أفعال الحج التي تفعل يوم العيد بعضها على بعض. | ||
التهديد | ﴿اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ۖ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾، ﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا﴾ | فذكر الوعيد بعد الأمر المذكور دليل على أنه للتهديد. ويخرج الأمر عن الفورية إلى التراخي. |
قضاء رمضان فإنَّه مأمور به لكن دلَّ الدليل على أنه للتراخي، فعن عائشة ڤ قالت: كان يكون عليّ الصَّوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان، وذلك لمكان رسول الله ﷺ. ولو كان التأخير محرَّمًا ما أقِرّت عليه عائشة ڤ. |
ما لا يتم المأمور إلا به: إذا توقف فعل المأمور به على شيءٍ كان ذلك الشيء مأمورًا به. | |||
واجبا | إذا كان المأمور به واجبًا | سَتر العورة | فإذا توقف على شراء ثوب كان ذلك الشراء واجبًا. |
مندوبا | إذا كان المأمور به مندوبًا | التطيُّب للجمعة | فإذا توقف على شراء طيب كان ذلك الشراء مندوبًا. |
هذه القاعدة في ضمن قاعدة أعم منها: الوسائل لها أحكام المقاصد، فوسائل المأمورات مأمورٌ بها، ووسائل المنهيَّات منهيٌّ عنها. |
النهي | قولٌ يتضمَّن طلب الكف على وجه الاستعلاء بصيغةٍ مخصوصة هي المضارع المقرون بـ«لا» الناهية | |
مثل قوله تعالى: ﴿وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ﴾ | ||
فخرج بقولنا | قولٌ | الإشارة، فلا تسمى نهيًا، وإن أفادت معناه |
طلب الكف | الأمر، لأنه طلب فعل. | |
على وجه الاستعلاء | الالتماس والدُّعاء وغيرهما مما يستفاد من النهي بالقرائن. | |
بصيغةٍ مخصوصة هي المضارع.. | ما دلَّ على طلب الكفِّ بصيغة الأمر مثل: دع، اترك، كف، ونحوها؛ فإن هذه وإن تضمَّنت طلب الكف لكنها بصيغة الأمر فتكون أمرًا لا نهيًا. | |
وقد يستفاد طلب الكفِّ بغير صيغة النهي، مثل: أن يوصف الفعل بالتَّحريم أو الحظر أو القبح، أو يذم فاعله، أو يرتَّب على فعله عقاب، أو نحو ذلك. |
ما تقتضيه صيغة النهي: صيغة النهي عند الإطلاق تقتضي: | ||
الدليل | وجه الدلالة | |
تحريم المَنْهي عنه | ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ ﴾ | فالأمر بالانتهاء عما نهى عنه، يقتضي وجوب الانتهاء، ومِنْ لَازِمِ ذلك تحريم الفعل. |
فسادُه | قوله ﷺ: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد»؛ | أي: مردودٌ، وما نهى عنه؛ فليس عليه أمر النبيِّ ﷺ، فيكون مردودًا. |
وقاعدة المذهب في المنهي عنه هل يكون: باطلًا أو صحيحًا مع التحريم | ||||
أن يكون النهي عائدًا إلى | ذات المنهي عنه | في العبادة | باطلا | مثل: النهي عن صوم يوم العيدين |
في المعاملة | مثل: النهي عن البيع بعد نداء الجمعة الثاني ممن تلزمه الجمعة | |||
شرطه | في العبادة | مثل: النهي عن لبس الرجل ثوب الحرير، فستر العورة شرط لصحة الصلاة، فإذا سترها بثوب منهي عنه، لم تصح الصلاة لعود النهي إلى شرطها. | ||
في المعاملة | مثل: النَّهي عن بيع الحمل، فالعلم بالمبيع شرط لصحة البيع، فإذا باع الحمل لم يصح البيع لعود النَّهي إلى شرطه. | |||
أمرٍ خارج لا يتعلق بذات المنهي عنه ولا شرطه | في العبادة | لا يكون باطلًا | مثل: النهي عن لبس الرجل عمامة الحرير، فلو صلَّى وعليه عمامة حرير، لم تبطل صلاته؛ لأنَّ النهي لا يعود إلى ذات الصلاة ولا شرطها. | |
في المعاملة | مثل: النَّهي عن الغش، فلو باع شيئًا مع الغش لم يبطل البيع؛ لأن النهي لا يعود إلى ذات البيع ولا شرطه. |
قد يخرج النَّهي عن التحريم إلى معانٍ أخرى لدليلٍ يقتضي ذلك، فمنها: | ||
الكراهة | قوله ﷺ: «لا يمسنَّ أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول» | قال الجمهور: إنَّ النهي هنا للكراهة، لأن الذكر بضعة من الإنسان، والحكمة من النهي تنزيه اليمين. |
الإرشاد | قوله ﷺ لمعاذ: «لا تدعن أن تقول دبر كل صلاة: اللّٰهُمَّ أعنّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك». |
من يدخل في الخطاب بالأمر والنهي: | ||
هو المكلف | وهو: البالغ العاقل. | |
خرج بقولنا | البالغ | الصَّغير؛ فلا يكلف بالأمر والنهي تكليفًا مساويًا لتكليف البالغ، ولكنه يؤمر بالعبادات بعد التمييز تمرينًا له على الطَّاعة، ويمنع من المعاصي؛ ليعتاد الكف عنها. |
العاقل | المجنون؛ فلا يكلَّف بالأمر والنهي، ولكنه يُمنع مما يكون فيه تعد على غيره أو إفساد، ولو فعل المأمور به لم يصحَّ منه الفعل لعدم قصد الامتثال منه. | |
ولا يرد على هذا إيجاب الزَّكاة والحقوق المالية في مال الصغير والمجنون؛ لأن إيجاب هذه مربوط بأسباب معينة متى وُجدت ثبت الحكم فهي منظور فيها إلى السَّبب لا إلى الفاعل! |
والتكليف بالأمر والنهي شاملٌ للمسلمين والكفار | ||
لكن الكافر | لا يصح منه فعل المأمور به حال كفره | لقوله تعالى: ﴿وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ﴾. |
ولا يؤمر بقضائه إذا أسلم | لقوله تعالى: ﴿قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ ﴾ ، وقوله ﷺ لعمرو بن العاص: «أما علمت يا عمرو أن الإسلام يهدم ما كان قبله». | |
يعاقب على تركه إذا مات على الكفر | لقوله تعالى عن جواب المجرمين إذا سئلوا: مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّىٰ أَتَانَا الْيَقِينُ (47)) ﴾. |
موانع التكليف | |||||
للتكليف موانع منها: الجهل والنسيان والإكراه | لقول النبي ﷺ: «إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه». رواه ابن ماجه والبيهقي، وله شواهد من الكتاب والسنة تدلُّ على صحته. | ||||
فالجهل | عدم العلم | فمتى فعل المكلف محرمًا جاهلًا بتحريمه فلا شيء عليه. | كمن تكلم في الصلاة جاهلًا بتحريم الكلام، ومتى ترك واجبًا جاهلًا بوجوبه لم يلزمه قضاؤه إذا كان قد فات وقته. | ||
بدليل أنَّ النبي ﷺ لم يأمر المسيء في صلاته – وكان لا يطمئن فيها – بقضاء ما فات من الصلوات، وإنما أمره بفعل الصلاة الحاضرة على الوجه المشروع. | |||||
والنسيان | ذهول القلب عن شيء معلوم | فمتى فعل محرَّمًا ناسيًا فلا شيء عليه | كمن أكل في الصيام ناسيًا. ومتى ترك واجبًا ناسيًا فلا شيء عليه حال نسيانه؛ ولكن عليه فعله إذا ذَكره | ||
لقول النبي ﷺ: «من نسي صلاة فليصلِّها إذا ذكرها». | |||||
والإكراه | إلزام الشخص بما لا يريد | من أُكره على شيء محرم فلا شيء عليه؛ | كمن أكره على الكفر وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان. | ||
من أكره على ترك واجب فلا شيء عليه حال الإكراه، وعليه قضاؤه إذا زال؛ | كمن أكره على ترك الصلاة حتى خرج وقتها، فإنه يلزمه قضاؤها إذا زال الإكراه. | ||||
تلك الموانع إنَّما هي في حق الله؛ لأنه مبنيٌّ على العفو والرحمة، أما في حقوق المخلوقين فلا تُمنع من ضمان ما يجب ضمانه، إذا لم يرض صاحب الحق بسقوطه، والله أعلم. | |||||